عرض مشاركة واحدة
بحور للآهات 06:49 PM 29-03-2006

بسم الله الرحمن الرحيم

ان كان الشيب يزحف على رأس الإنسان بفعل الأهوال التى يصادفها فى حياته ، فإنني أعتقد أن بعض هذه الشعيرات البيضاء فى رأسي ترجع إلى هول ما سمعت من مرضى الإكتئاب


فى حياتي الشخصية أشياء سارة تأثيرها يكون على قلبي فى صورة نبضات سريعة راقصة وكذلك هناك أشياء غير سارة تأثيرها يكون على قلبي في صورة " وجع " .
***
في كل مرة أجلس فيها إلى مريض الإكتئاب أشعر " بوجع " في قلبي .
***
لو كان الإكتئاب رجلاً لقتلته .
***
أكره مرض الإكتئاب بنفس القدر الذي أحب به مريض الإكتئاب فهو أرق الناس وأصفاهم وأصدقهم .
أكره مرض الإكتئاب ، ولكني أعترف بأن له فضلاً عليً لقد غير مسار حياتي .
***
إنه مرض الأذكياء والمثقفين وكذلك فهو مرض هؤلاء الذين لم يعرف الشر طريقه إلى قلوبهم
رغم أن الإكتئاب نقيض الحياة ، فإنني أحياناً أنسى أنني طبيب وأعجب كيف يكون للحياة معنى بدون الإكتئاب
***
من يقول لي أنه لم يشعر قط بالإكتئاب إنه لم يشعر يوماً بوخز الحزن : أقول له إنني أتشكك في آدميتك .
***
العجيب أن حياة الإنسان تبدأ بالبكاء وتنتهي أيضاً بالبكاء فهل الإكتئاب قدر محتوم كتب على الإنسان.. !!
***
عزيزي الطبيب حديث التخرج : إذا لم تقرأ جيداً عن الإكتئاب : أعراضه علاجه إذا لم تبحث عن علامات الإكتئاب فى كل مريض يدخل عيادتك ، فإنني أتنبأ لك بأنك ستكون طبيباً فاشلاً ..
***
فهم مرض الإكتئاب ليس حكراً على الأطباء هناك العديد من الأدباء المبدعين ، الذين إستطاعوا أن يصفوا بعمق خلجات النفس المكتئبة فمن لا يدمع قلبه حين يعايش مريض الإكتئاب ، فإن قلبه من حجر ، أو أشد قسوة ..
***
الفنان الصادق له نفس أميل إلى الإحساس بالإكتئاب النغم واللون و الكلمة ما هي إلا هدير نفوس أفعمها الإكتئاب.
***
لم أر فى حياتي إنساناً شاكراً وممتناً مثل مريض الإكتئاب ، الذي من الله عليه بالشفاء
***
قتلت الأم وليدها الرضيع أتعرفون لماذا قتلته…؟
قتلته لكي تحميه من عذاب الإكتئاب الذى تعاني منه !
***
مات الرجل فامتنع كلبه عن الطعام حتى مات !
حتى الكلاب تعاني من الإكتئاب يا معشر البشر
***
ماتت زوجته بعد رحلة عمر طويلة مات بعدها بشهرين إنه مات بفعل الإكتئاب.
***
سبحانك يامن جعلت الإكتئاب مرضاً يصيب بعض عبيدك على قدر فهمي المحدود ، إنها نفس الحكمة الكامنة فى خلق الليل والنهار الأبيض والأسود الخير والشر البرودة والحرارة الأفاعي والحملان لكل شيء جعلت له نقيضه فإن قيمة الشيء لا تعرف إلا من خلال نقيضه
***
دخل صديقي حجرته وأطلق على رأسه الرصاص !
ولم يدر أحد حتى مات أنه كان يعاني من الإكتئاب القصة بدأت قبل عام من إطلاق الرصاص بدأت بآلام معدته لف الدنيا كُلها من أجل علاج لآلامه ولم يهتد حكيم إلى سر آلامه فى عمله ثم بدأ يعتزل الناس ثم قرر أن يعتزل الحياة .
***
عزيزي القارىء
أعتذر مقدماً لأنني طلبت منك أن تحاول القيام بتجربة قد تبدو سخيفة ولكنها ضرورية حتى تستطيع أن تعيش معنا هذا الفصل… بقلبك وعقلك
تصور أنك ستنهض من مكانك الآن لتحضر مسدساً ـ ثم تلصقه حيث منتصف المسافة بين عينيك ، ثم تطلقه … وبعد ثوان تغادر تماماً هذه الحياة .
حاول من فضلك أن تتصور الاتي :
1- الدافع الذي يمكن أن يقودك إلى هذا الفعل .
2- إحساسك وقد وصلت إلى القرار بإنهاء حياتك .
3- اللحظات التى ستمر عليك منذ لحظة إتخاذ القرار إلى أن تمسك بالمسدس .

آسف مرة ثانية إن دفعتك إلى تجربة على مستوي التخيل ، رغم علمي المسبق أنك لن تستطيع أن تتخيل هذا الموقف لسبب بسيط وهو أنك تحب الحياة ومتمسك بها رغم سخطك عليها حتى محترفو مهنة الطب النفسي ـ وأنا أحدهم ـ لا يقدرون على وصف هذه اللحظات ، رغم أنهم يرون أصحابها الحقيقيين فى كل يوم لكن لن يحكي لك عن هذه التجربة إلا الذي مر بها حقيقة وللأسف فإنهم يغادرون الحياة قبل أن نستطيع أن نسألهم ومن ينقذ منهم يصاب بفقدان للذاكرة عن هذه اللحظات

متى يقتل الإنسان نفسه ؟
الإجـابة :
حين تصبح الحياة غير محتملة .. حين تصبح عديمة القيمة .. حين تصبح عديمة الجدوى .. حين لا يوجد أي حل للخلاص من الآلام .. حين يكون الموت هو طريق الخلاص الوحيد..
ماهي هذه الآلام ؟
أعتذر لأني لا أستطيع أن أصفها لكم بدقة ولكن مريض الإكتئاب يقول :

" أشعر بألم فى الداخل .. أشعر بتمزق داخلي .. أشعر بالنار فى أحشائي وفى صدري ..لم أعد أحتمل هذا الألم " .

هذا يا عزيزي القارىء ، ما نسميه بالألم النفسي .. هل تستطيع أن تقارنه بآلام الأسنان أو بالمغص الكلوي ؟
مريض الإكتئاب يجيب :

" أي ألم محتمل إلا هذا الألم .. أتمنى أن أفقد ذراعي معاً وأشفى من هذا الألم .. أي مرض فى العالم مهما كانت آلامه أهون من هذا الألم " .

والمأساة أن مريض الإكتئاب فى بعض الحالات يشعر أنه يستحق هذا العذاب .. إنه الإحساس بالذنب دون أي ذنب إقترفه .. بل إنه يزيد من تحقير ذاته والتقليل من قيمتها .. يشعر أنه عالة على الآخرين .. أنه سبب معاناتهم .

يبدأ المريض بفقدان الإهتمام وفقدان الرغبة , الألوان كلها باهتة لا طعم لأي شيء وذلك قبل أن يشعر بقتامة الأشياء ومرارتها , ثم يجرفه الحزن حزن غريب فى عمقه و حدته , رغبة فى البكاء , تشاؤم خوف هواجس يفتح عينيه قبل الفجر بقليل والكل نيام , إنها أسوأ لحظة فى المساء تخف الحدة نسبياً ويهرع إلى السرير هروباً , يضعف التركيز تضعف الشهية للطعام يتناقص وزنه , ويبدأ فى الإنعزال التدريجي حتى يصل إلى المرحلة الحرجة حين يقول إن الحياة لا تستحق أن نحياها , ثم يقول :
أنا لا أستحق الحياة وتراوده فكرة الخلاص فيدبر لها بإحكام وإتقان ثم يتم التنفيذ دون توقع من أقرب الناس إليه

وقد يلبس الإكتئاب قناعاً إنه يختفي وراء آلام الجسد : المعدة القلب الظهر أي جزء من الجسم يتولى التعبير عن الإكتئاب ويظل المريض حائراً تائهاً شهوراً تمتد إلى سنة أو أكثر والإكتئاب لا يريد أن يفصح عن نفسه ،حتى أن الأطباء أطلقوا عليه إسم " الإكتئاب المقنع "

أعراض غريبة مؤلمة لا يعرف كم هي معذبة ومهلكة إلا من عبر بها إلا من عانى منها أعراض يجب ألا نأخذها بإستخفاف ، فنطلب من المريض أن يقاومها بإرادته ، ونضغط عليه لكي يشاركنا الحياة ، وإن الأمر سيتحسن إذا هو قام بإجازة وذهب للترويح عن نفسه أبدأ إنه لن يستطيع فارحموه من تلك النصائح غير المجدية ..!!@

أختكم
بحور