عرض مشاركة واحدة
هيام 03:18 AM 30-03-2006

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد اهتم علماء النفس وعلماء الاجتماع بالأمراض الاجتماعية ، ولا يمكن القول بأن السلوك الاجتماعي منحرف أو غير منحرف ، سوي أو مرضي ولكن الذي يصفه بهذه الصفة أو تلك هو تقييم المجتمع له في ضوء مدى التزامه أو خروجه عن المعايير الاجتماعية للسلوك ، ويتفاوت التقييم الاجتماعي للسلوك من الموافقة التامة إلى الرفض البات . والمرض الاجتماعي سلوك سالب غير بناء وهدام ويعتبر مشكلة اجتماعية تهدد امن الفرد والجماعة وهو مشكلة خطيرة تواجه الأسرة والمدرسة والمجتمع فلمنحرفين والجانحين يمثلون خطرا على حياة الآخرين ويكونون عنصر قلق واضطراب قد يعرضون فيه حياة الآخرين للخطر كما يمثلون خطرا على حياتهم أنفسهم لان المجتمع يقاومهم مما يجعلهم عرضة لاضطرابات نفسية اقلها القلق والأمراض الاجتماعية في تزايد يستوجب التدخل للوقاية والعلاج حتى نتجنب الخسارة البشرية الناتجة عنها .
الأمراض الاجتماعية النفسية
أولا : الأمراض الاجتماعية الباطنية :
وسوف نورد هنا بعض هذه الأمراض :
( أ ) : الكبر والتكبر والخُيلاء :
حقيقته :
الكبر نوعان : باطن وظاهر .
فالباطن خلق في نفس الإنسان ، والظاهر أعمال تصدر عن الجوارح .
والأعمال الظاهر نتيجة وثمرة لما في الباطن .
والكبر الباطني معناه : أن يرى المتكبر نفسه فوق من يتكبر عليه بحيث يصير ذلك كالعقيدة عنه فيفرح به ويركن إليه ويعتز في نفسه بسببه وذلك هو خلق الكبر .
وعلى هذا فالكبر يستدعي توفر ثلاثة أمور :
( 1 ) : إنسانا متكبرا .
( 2 ) : موجودا يتكبر الإنسان عليه .
( 3 ) : سببا لهذا الكبر .
وقد ورد ذكر الكبر في القرآن الكريم فقال تعالى : ( إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) .
وورد أيضا في السنة النبوية الشريفة فقال عليه الصلاة والسلام : ( من تعظم في نفسه واختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان ) .
أقسام الكبر :
ينقسم الكبر بالنسبة للمتكبر عليه إلى ثلاثة أقسام :
( 1 ) : التكبر على الله عز وجل وتعالى علوا كبيرا ، وهو أفظع أنواع الكبر و أخبثها .
ومثاله قول فرعون : ( أنا ربكم الأعلى ) .
( 2 ) : التكبر على رسل الله عليهم الصلاة والسلام ، وهو شنيع لكنه أقل من الأول .
ومثاله قول كفار العرب في شأن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام : ( لولا أُنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعَتوا عُتوا كبيرا ) .
والعلاج من النوعين السابقين الإيمان بالله ورسله والإيمان بما جاء به الرسل مع حب الرسول وطاعته والتواضع لله والخضوع لكل ما جاء عنه تعالى والتواضع للرسول والخضوع لكل ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام .
( 3 ) : التكبر على الناس من غير المرسلين ، وهو شنيع لكنه أقل من الثاني .
ومثاله قول إبليس في آدم عليه السلام : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) .
والعلاج من هذا النوع فعلاجه ما يأتي :
( 1 ) : قراءة الآيات والأحاديث التي نفرت من الكبر وبينت جزاء المتكبرين في الدنيا والآخرة والتمعن فيها حتى يدرك ما ترمي إليه .
( 2 ) : على المتكبر أن يدرك حقيقة نفسه من مبدأ تكوينه إلى نهايته ومن بدء حياته إلى يوم موته .
( 3 ) : على الإنسان أن يدرك أن مصيره بيد الله وحده وأنه دائم الحاجة إليه تعالى وإلى رضائه ورحمته وعفوه ومغفرته وأن يوم موته هو بدء رحلته إلى ربه وكل أمره خاضع لعمله .
( 4 ) : على المتكبر أن ينظر إلى ما يتكبر به ، وليعلم أن عليه العمل لآخرته وقبره وأنه مهما أوتي من شيء فإن الله لديه ما هو أكثر من ذلك .
حكايات عن المتكبرين :
( 1 ) : رُوي أن رجلا ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم بخير ، فأقبل ذات يوم فقالوا يا رسول الله هذا الذي ذكرناه لك ، فقال : (( إني أرى في وجهه سفعة من الشيطان ، فسلم ووقف على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أسألك بالله . حدثتك نفسك أن ليس في القوم أفضل منك ؟ قال : اللهم نعم )) .
ومن ذلك حال سيدنا حذيفة رضي الله عنه حين أم الناس في الصلاة فلما سلم قال لهم : لتلتمسن إماما غيري أو لتصلن وحدانا فإني رأيت في نفسي أنه ليس في القوم أفضل مني .
( ب ) الغضب :
والغضب كما ذكر الإمام الغزالي هو الذي يولد الحقد والحسد كمرضين خطيرين ومدمرين للفرد والمجتمع ، ومنه المحمود وهو ما كان غضبا لاعتداء فرد على آخر في دينه أو ماله أو عرضه أو ولده أو من يحميه فيقوم الفرد بمحاولاته المستطاعة ليدفع سبب الغضب ، ومن ذلك قول الله تعالى : (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )) .
ومنه المذموم وهو ما كان غضبا لفرد لأنه لم ينل رغبته التي في نفسه من ظلم أحد أو اعتداء على فرد آخر وهذا من الحمية الجاهلية والنفحة الشيطانية .
والحلم هو كظم الإنسان الغضبَ وجعل الموجه له العقل المنضبط على ميزان الشرع ، فقد قال تعالى : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) .
كما قال تعالى : (( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )) .
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ، أو مالا يعطي على سواه )) .
وقال محمود الوراق :
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب وإن كثرت منه علي الجرائم
علاج الغضب :
جاء في أحاديث بأن الغضب يُعالج بالوضوء أو الغُسل كما يعالج بتغيير الوضع الذي يكون عليه الغاضب حين يغضب ، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه قال : (( إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ )) .
( ج ) الحسد :
الحسد مرض نفسي خطير له آثار سيئة تلحق الحاسد وتؤثر في صلاته الاجتماعية ، كما تؤثر أسوأ التأثير في معاملته لمن يحسده .
وكثيرا ما يتولد الحسد من الحقد الذي هو وليد الغضب ، وهو لا يكون إلا بسبب نعمة أنعم الله بها على الإنسان المحسود ، فالحسد تعريفه هو : أن تكره النعمة التي أنعم الله بها على غيرك وتحب أن تزول .
وهو محرم بالكتاب والسنة وورد التحذير منه ، فقال تعالى : (( ومن شر حاسد إذا حسد )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، أو قال العشب )) .
علاج مرض الحسد :
يكون علاج الحسد بالرضا بقضاء الله وقدره وبأخذ النفس باللوم وقهرها بالندم حتى يحب لغيره ما يحبه لنفسه ، وليخش لقاء الله وسؤاله بين يديه وليحرص على إنجاء نفسه من عذاب الله وقهره وليكن دائم الذِكر لله تعالى حابا الخير لكل عباد الله ، ويحكم نفسه عمليا فلا يقول أو يفعل ما يضر أحدا من الناس .
ملاحظة : سيتبع وان اردتم الاستفسار فما عليكم غير الرد
وشكرا